دليلك الكامل للصحوة الروحية

ما هي الصحوة الروحية ببساطة؟

الصحوة الروحية هي تجربة روحية عميقة يصعب التعبير عنها بالكلمات البشرية، ولكن سأحاول قدر الإمكان شرحها وتبسيط مفهومها:

عندما تتقمّص الروح في جسد الإنسان تكون في حالة طبيعية، عارية ونقية. ولكن سرعان ما تتأثّر بالعوامل الخارجية والظروف المعيشية، ممّا يجعلها تكتسب برامج وتشوّهات تفقدها لمعانها الطبيعي والصفاء والنقاء وتبعدها عن حالتها الأصلية.

 

شيئا فشيء تتكيّف مع الحالة المعيشية، وتتأثّر بالعائلة وبالمجتمع. يُفرض عليك نظام عقائدي ونمط معيشي لا ترغبه ولا يعكس أصالتك الحقيقية… حيث يملي عليك المجتمع ماذا يجب أن تفعل، وكيف يجب أن تفكّر، وكيف يجب أن تعيش، وكيف يجب أن تتصرّف، ما هي حقوقك، وماهي واجباتك، ما هو عيب وما هو حرام، ما يجوز وما لا يجوز…

 يجب أن تذهب إلى المدرسة، وتتحصّل على شهادة، ثم تعمل، ثم تتزوّج، وتبني أسرة، ثم تتقاعد… تترسّخ في ذهنك مفاهيم خاطئة عن الحياة وعن السعادة والحرية والنجاح والحب والقوة…

تقضي طوال عمرك وأنت تطارد السعادة، قد تفعل كل ما طلب منك المجتمع أن تفعله، لكن في الأخير تجد نفسك أنك لم تدرك السعادة الحقيقية ولا الاكتفاء الحقيقي.

 

 

ونتيجة للبرمجة والحاجة إلى التكيّف الإجتماعي، تجد نفسك قد اكتسبت شخصية مزيّفة ترتديها كقناع يخفي هويتك الحقيقية. هذه الشخصية أو ما يُعرف بالإيغو (ego)، تجعلك تعيش حياتك كلها بشعور باطني دفين بأنك منفصل عن ذاتك الحقيقية، وكأنّك غريب عن نفسك ولا تعرف من أنت، كأن هناك جزء مفقود من نفسك وتشتاق إليه. تعيش حياة فارغة من دون معنى… وتبقى في هذه المعاناة الباطنية إلى أن يأتي اليوم الذي تتلقى فيه نداء الاستيقاظ وبداية تذكّر ذاتك الحقيقية.

الصحوة الروحية هي تجربة تحوّل عميقة، وتغيّر عميق في الإحساس بالهوية. هي الإعصار الذي ينسف كل ما هو سامّ ومزيف في حياتك، بدءًا بعلاقاتك، مهنتك، طريقة عيشك، تكوينك الدراسي، عقيدتك، وصولًا إلى معتقداتك الباطنية.
هذا الإعصار يكسر قوقعة الهوية المزيّفة ويُخرجك من منطقة الراحة، ثم يبدأ النور بالتسلّل إلى داخلك فتشرق روحك من جديد.

 

الصحوة الروحية هي صرخة الروح من أجل الحرية والأصالة.

الصحوة الروحية هي رحلة العودة إلى ذاتنا الأصيلة، واسترجاع أصالتنا في عملية عكسية عبر مراحل تقشير طبقات الهوية المزيفة. هذا التقشير يكون مؤلم جدا بالنسبة للإيغو، ولكنه جميل جدا بالنسبة للروح التي ترغب في التحرّر من سجن الشخصية المزيفة.
إذا كنت تتعرّف بالإيغو وتضن أن الشخصية المزيفة هي هويتك الحقيقية، فستعاني كثيرا، وخاصة خلال المراحل الأولى من عملية الاستيقاظ، ستضن أنك قد انتهيت، لكن في الحقيقة الإيغو هو الذي بصدد الزوال. وعندما يموت الإيغو، ستشرق روحك النقية البريئة اللامعة، وستشعر حينها بأنك قد بُعثت من جديد واستعدت براءتك و
أصالتك وصفاءك الروحي الأبدي.

 

نداء الاستيقاظ الروحي (نداء الروح):

نداء الاستيقاظ هو نداء مفاجئ، يأتي في الوقت الذي لا تتوقّعه أبدًا. تتلقاه بينما تغطّ في سبات عميق وتتظاهر بأنك راضٍ بحياتك، لكنك في الحقيقة تعيش عيش القطيع.
نداء الاستيقاظ يهزّ كيانك لكي يوقظك من سباتك ويجبرك على رؤية الحقيقة، وبمجرّد أن تبدأ في إدراك ذاتك الحقيقية، تبدأ حياتك القديمة في السقوط والإنهيار. وهذا من أجل ترك المساحة لحياتك الجديدة القادمة. الحياة التي ستعكس أصالتك ونورك الحقيقي.

 

9 علامات تدل على أنك قد تلقيت نداء الاستيقاظ الروحي: 

الصحوة الروحية هي تجربة فردية وفريدة من نوعها، تختلف من شخص لآخر، لكن على العموم العلامات التي سنتناولها بعد قليل، تعتبر الأشهر والأكثر شيوعا التي تدل على أنك قد تلقيت نداء الاستيقاظ:

1. نفور اجتماعي رهيب، ينتابك شعور بأنك تريد أن تختفي عن الأنظار وعن العالم. كل ما كنت متعوّد عليه في الماضي وكنت تتعايش معه، صار يضايقك فجأة، عائلتك وأقاربك وأصدقاؤك… وصرت ترغب بالعيش في عزلة أبدية.

 

2. شعور بأن الحياة على الأرض بمثابة السجن الذي يسجن روحك. تشعر بضيق كبير وتجد صعوبة في التأقلم مع هذه الحياة، تشعر بأنك غريب عن هذا العالم. وهذا النمط المعيشي لم يعد يناسبك تمامًا ولم تعد تطيقه على الإطلاق. تكره العمل، تكره الدراسة، تكره حياتك اليومية، تكره العادات والتقاليد، تكره الحفلات والأعراس والحشود والالتزامات الاجتماعية…وكل ما كنت تحاول أن تتعايش معه سابقًا، صار من المستحيل أن تتحمّله بعد الآن.

 

3. كوابيس ليلية، أرق واضطرابات في النوم وتعب وإرهاق نفسي وجسدي.

 

4. عواصف مدمّرة وتغيّرات كبرى في حياتك وتقلبات جذرية مفاجئة على جميع الأصعدة: الحياة الاجتماعية، والعائلية، والمهنية، والعاطفية، والزوجية.
هذه المرحلة تزداد صعوبة عندما تقاوم التغيير وتتعلّق بالماضي، عندما يوهمك الإيغو بأنك ستنتهي بنهاية وظيفتك، أو علاقاتك أو دراستك أو مشاريعك أو أي شيء أصبح من الماضي.

 

5. تتخذ قرارات مفاجئة وجريئة قد يراها الناس جنونية. مثلًا تكون قريب من سن التقاعد، وفجأة تقرّر ترك وظيفتك، أو تكون على وشك التخرّج من الجامعة، وفجأة تقرّر ترك دراستك، أو تتخذ قرار الطلاق بعد سنوات طويلة من زواج كان يبدو ناجح…
بالرغم من الانتقادات التي قد تتلقاها لن تندم أبدًا على أنك اخترت حب الذات والحرية على الخوف. وفضّلت عيش حقيقتك على قضاء باقي حياتك في غربة عن نفسك.

 

6. تغيّر جذري في إحساسك بالهوية وفي قيمك، وانقلاب مفاجىء في نظامك العقائدي. تغيّر شامل في نظرتك للحياة وللعالم، حيث ترمي في المزبلة كل ما تعلمته في المدرسة أو من والديك أو من المجتمع. تفكّك البرامج الذهنية وتتخلّى عن كل العقائد التي فُرضت عليك، وتبدأ رحلة البحث عن حقيقتك الداخلية معتمًدا فقط على حدسك وإدراكك الباطني، دون الحاجة إلى توجيهات خارجية قد تضلّلك مرة أخرى.

 

7. عدم الاستقرار: مهما قمت بإصلاحات جذرية في حياتك لن تستقر أبدًا. كلما اعتقدت بأنك قد عثرت أخيرًا على الخلاص، كلما أُصبت بالخيبة؛ ما إن تبدأ حياة جديدة، إلاّ وتنهار من جديد مباشرة من حولك.

 

8. مع بداية هذه التغيّرات الكبرى تستقبل رسالة على شكل رؤيا أو حلم واضح أو ظاهرة روحية، الغرض منها طمأنتك وتشجيعك على تجاوز المرحلة الصعبة بصبر وإيمان، وتبشيرك على أن كل شيء يعمل ضمن خطة إلهية محكمة تقودك إلى النعيم الحقيقي والأبدي.

 

9. الليلة المظلمة للروح وهي مرحلة نفسية صعبة، أزمة وجودية أو أزمة روحية تسبق الصحوة الروحية وتتزامن مع تغيرات جذرية كبرى في حياتك.

 

إذا كانت لديك مثل هذه العلامات، لبّي النداء ولا تقاوم التغيير، ستتغيّر حياتك إلى الأبد، وسيصبح لحياتك معنى حقيقي وكبير. كلما قاومت نداء الروح ورفضت الاستجابة للتغيير، كلما اشتدت المعاناة، إلى أن ترغمك رياح الصحوة على التواضع والاستسلام للتغيير. قد تواجه أحداثًا مزعجة تجعلك تشعر في البداية وكأنك قد انتهيت وأن الكون كله ضدك. لكن لاحقًا بعد الاستيقاظ، ستدرك أن ما حصل هو نعمة كبيرة ويصب في مصلحتك العليا وطريقك نحو الأصالة والحرية والسلام.

 

العلامات التي تدل على بداية الصحوة الروحية:

الصحوة الروحية ليست حادثة تحصل بين عشية وضحاها. هي ببساطة مصطلح يعبّر عن بداية توجّهك نحو المسار الروحي.
عملية الصحوة الروحية معقّدة ومتعدّدة الطبقات، وتختلف مع كل شخص. في الواقع ، لا يمكن أن تُقسَّم وفق أُطر ومعايير وعلامات محدّدة بدقّة. هي تجربة فردية تختلف من شخص لآخر في تفاصيلها وفي مراحلها، ولكن تبقى على العموم تحتوي على الكثير من النقاط المشتركة.

العلامات أدناه تدلّ فقط على بداية اتباعك طريق الوعي ودخولك المسار الروحي، وليست علامات الوصول إلى الصحوة الروحية. لمعرفة إذا كنت قد وصلت أخيرًا إلى مرحلة الصحوة الروحية والتشافي من وهم الانفصال، إقرأ هذا المقال.

 

1. إدراك الخالق، والتعرّف عليه مباشرة بداخلك. تتواصل معه وتدرك صفاته الحقيقية بقلبك، وتكتشف أنك لم تكن تعرفه جيّدا من قبل، لأن الله ندركه بالقلب وليس بالفكر. الله أعظم بكثير وأجمل بكثير ممّا يستطيع أن يتصوره الفكر المحدود. تتغيّر صورتك النمطية للّه، وتصبح علاقتك معه مبنية على الحب بدلًا من الخوف.

2. إدراك الطابع الروحي للخلق، واهتمام وفضول كبير بالظواهر الروحانية والطاقوية، مثلًا اكتشاف قانون الجذب، أو إهتمام بظاهرة الاسقاط النجمي، أو تجارب الموت الوشيك، أو إهتمام بالتأمّل واليوغا.

3. توسّع الوعي ورغبة ملحّة في استكشاف أسرار وخبايا الكون. شغف واهتمام غير مسبوق بمختلف العلوم التي تجعل وعيك يتوسّع، ونظرتك للكون تتغيّر. مثلًا اهتمام بميكانيك الكم أو علم الفلك، أو الأسترولوجي، أو الميتافيزيكس أو العلوم الباطنية…

4. ارتفاع في درجة يقظتك وبصيرتك وحاستك السادسة. تصبح تثق في حدسك وقلبك أكثر من فكرك. تستمع أقل لتدبيرات الآخرين، وتصبح أكثر إصغاءً لنداء قلبك، حتى وإن بدا متناقضًا مع تفكيرك الآلي المبرمج.

5. تكتشف نفسك أكثر وتتعرّف على معتقداتك الباطنية الخاطئة، وتفهم نفسك وتسامحها وتتقبّلها، وتفهم سبب عاداتك وتصرّفاتك القديمة. تدرك أن كل أخطاؤك وتعثّراتك في الماضي لم تكن ذنبك، بل كانت بسبب البرمجة المجتمعية والأسرية التي تلقّنتها منذ نعومة أظفارك.

6. الانتقال من الشعور بالانتماء الوطني والعرقي والقومي والديني، إلى الانتماء الإنساني والكوني. مثلًا ما تشعره بالنسبة لشخص ما من الصين هو بالنسبة لك نفس الشعور إلى شخص من حيّك. تصبح تدافع عن القضايا الحقوقية من مبدأ ظالم ومظلوم وليس بمعيار العاطفة أو القرابة أو الوطنية.

7. تواصل روحي عميق مع الطبيعة وانجذاب وتعطّش غير مسبوق لها، وإدراك لحظات من الروحانية أو الصوفية أثناء التأمّل في المناظر الطبيعية.

المفتاح الأساسي لتسريع الصحوة الروحية:

الصحوة الروحية هي عملية شاقّة وشيّقة في نفس الوقت، بالرغم من التحديات والمصاعب التي تجلبها، إلاّ أن الدروس التي تقدمها لنا، والتطور والارتقاء، وخاصة الحرية الباطنية التي نحصدها من خلالها، تجعلنا ندرك بأنها نعمة كبيرة وكانت تستحق كل ذلك العناء.

 

المفتاح الأساسي لتسريع الصحوة الروحية هو الشغف والاستمتاع بالتطور الروحي الذي تلجبه لنا. من المهم أن يكون تطورك الروحي أولويتك الأولى أكثر من أي شيء آخر، لأن هذا ما تريده حقًّا روحك.
وكذلك الشعور بالإمتنان بعد اجتيازك لكل تحدّي بنجاح، وبعد استيعابك لكل درس تعلمته. قارن نفسك دائما مع نسختك القديمة وليس مع أي شخص آخر. عندما تدرك كم تغيّرت معتقداتك وتصرفاتك ونظرتك للحياة ولنفسك بشكل كبير، أشعر بالفرحة وبالامتنان لنفسك وللخالق. ثم تحمّس لتجارب المستقبل بإيمان كبير، لا تهم كم ستكون صعبة لأنها في الأخير لن تقودك إلاّ لمصلحتك العليا.

افتح قلبك للصحوة الروحية فهي أعظم تجربة يمرّ بها الإنسان. بالرغم من صعوباتها إلاّ أن فوائدها عظيمة فهي الطريق الوحيدة لإدراك الحرية المطلقة والنعيم الأبدي.

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي:
شارك مع أصدقاءك و ساهم في نشر النور
10 تعليقان

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *