الهروب الروحي
أخطر مرحلة في الرحلة الروحية
لقد سبق وأن تحدّثت في فيديوهات سابقة عن أصعب مرحلة في الرحلة الروحية وهي الليلة المظلمة للروح. هذه المرحلة صعبة على الأنا الزائفة لأنها تمثل نهايتها، وبالرغم من أنها مزعجة فهي تبقى مرحلة صحّية بالنسبة للروح، لأنها تدفع بأرواحنا للتحرّر من سجن الهوية المزيفة، وتفكيك كل البرامج الفكرية التي تعرّضنا إليها منذ أن كنا صغارًا.
لكن المرحلة الأخطر في الرحلة الروحية هي الصحوات الوهمية الزائفة، وتسمى كذلك بالهروب الروحي أو التجاوز الروحي، والتي يمرّ بها أغلب الباحثين حاليا.
الهروب الروحي هو عندما تستخدم الروحانية كوسيلة للهروب من معاناتك الباطنية وإنكارها، وتعتبرها هويةً جديدة وقناع حماية جديد. عندما يتنكّر الإيغو في ثوب الروحانية من أجل الحفاظ على بقائه.
وهنا تكمن خطورة هذه المرحلة، لأنك تعمّق من معاناتك الباطنية، وإذا علقت في هذه المرحلة لسنوات طويلة، ستُصاب بخيبات روحية وأمراض نفسية وحتى جسدية.
الكثيرون يخلطون بين الهروب الروحي والصحوة الروحية، لأنهم لا يميّزون بين التحرّر الفعلي الذي تجلبه الصحوة، وبين لذّة الايغو في إثبات وجوده عن طريق المعلومات الروحية.
وهذا الفيديو يساعدك على التمييز بين الحالتين وتجنّب الكثير من المتاهات والفخاخ.
9 علامات تدل على أنك تعاني من الهروب الروحي:
1. تصنع لنفسك هوية جديدة،
فتبدأ بإطلاق مسميات على نفسك، مثلا: أنا روحاني، أنا عامل نور، أنا مستنير، أنا من بذور النجوم، أنا من أطفال الإنديغو، أنا زوهري، أنا توأم شعلة… طبعًا أنا لا أكذّب بهذه المفاهيم، وفيها شيء من الحقيقة. لكن لا يوجد أي أفضلية بين الأرواح، كل الأرواح متساوية في عيون الخالق.
لكن الإيغو يستخدم هذه المصطلحات حتى يجعلك تشعر بأنك متميّز عن الآخرين ومتفوّق عليهم. وهذه آلية دفاعية أو خدعة يستخدمها الإيغو ضدك من أجل إثبات وجوده بالتسميات ومصطلحات.
انتبه لأي فكرة تخطر ببالك وتجعلك تشعر بأنك شخص أفضل من الآخرين، أو أنك أقرب إلى الله من الآخرين، أو أنك شخص مختار فضّله الله على الآخرين. اعلم مباشرة أن هذه الأفكار مصدرها الإيغو. هذا هروب روحي.
انتبه لفكرك عندما يقودك إلى مشاهدة الفيديوهات التي تنفخ شعورك بالأنا. كن يقظ وواعٍ بذلك، لأنك إذا لم تفكّك هذه الهويات الجديدة منذ البداية، فستتجذّر أكثر في اللاوعي، وستؤدي بك إلى أمراض نفسية مثل النرجسية الروحية.
2. انجذاب كبير نحو الخرافات الروحية:
الاهتمام بالمواضيع الغيبية، ونظريات المؤامرة، كوكب نيبرو، الأنوناكي، الزواحف، وغيرها.
أنا لا أدّعي أن كل هذه المواضيع خرافات ودجل، طبعًا فيها جزء من الحقيقة. لكن أولًا، 90% ممّا يُنشر حول هذه المواضيع هو خرافات وخزعبلات، المعلومات الصحيحة ذابت وسطها. وأنت ليس لديك بعد اليقظة الكافية لكي تميّز بين ما هو حقيقي وما هو زائف.
وعيك لم يندمج بعد مع اللاّوعي، والذكر والأنثى لم يتّحدا بعد داخل عقلك. ليس لديك القدرة بعد على التمييز بين الحقيقة والوهم.
ثانيًا، هذه المواضيع ليست أولوية، وليست هي الهدف الأساسي من الرحلة. أنت لم تدرك بعد ذاتك الحقيقية فكيف ستفهم هذه المواضيع؟
لا يمكنك، لأن أي معلومة ستقرؤها، ستمرّ عبر العقل الثنائي ويقوم بتشويهها. حتى ولو كانت صحيحة لن تستقبلها بالشكل الصحيح، وستفهمها بطريقة تبقيك في وعي الضحية.
من الطبيعي أن الإيغو ينجذب إلى مثل هذه المواضيع التي تطيل عمره. هذا هو هدف الإيغو الأسمى: الحفاظ على بقائه. ومثل هذه المواضيع تغذّيه.
3. تصبح الروحانية نمطًا معيشيًا جديدًا بالنسبة لك.
ويصبح اهتمامك بالطقوس أكثر من اهتمامك بمعرفة ذاتك. مثلا: تغيّر طريقة لباسك، وطريقة كلامك، تغيّر نظامك الغذائي وتشتري الأحجار الكريمة، تنخرط في المجتمعات الروحانية، تذهب إلى دورات اليوغا، وتستمع إلى الموسيقى الروحانية… وكأن الروحانية أصبحت بالنسبة لك ثقافة جديدة، أو ديانة جديدة، أو لايفستايل جديد، وتبدأ تتظاهر وتلعب دور الروحاني الراقي. نفس الشيء، الإيغو يلبس ثوب الروحانية من أجل الحفاظ على بقائه.
4. مطاردة الإشارات والرسائل الإلهية،
لأنك لست واثق من أن الله معك في كل لحظة، فتبدأ تبحث عن الأدلة بأن الله لم يتخلّى عنك في العلامات الخارجية.
مثلا الإهتمام المبالغ بالأرقام الملائكية، والانبهار كلما رأيت أرقام متكررّة أو طيور معينة، أو حيوانات معينة…
ليس دائما الأرقام المتكرّرة والطيور تحمل رسائل ملائكية. في معظم الأحيان أنت من تجذبها عن طريق قانون الجذب، لأنك مهتم بها كثيرًا وتبحث عنها.
وكذلك تفسير الأحلام، تعتقد بأن كل الأحلام هي رسائل إلهية، بينما في الحقيقة 99% من أحلامنا هي رسائل من عقلنا الباطن، وتمثّل إما مخاوفنا الباطنية المكبوتة، أو رغباتنا الباطنية المكبوتة.
5. تستخدم التأمل كوسيلة للهروب من الواقع ومن معاناتك الباطنية
وتعتبره كوسيلة لاصطناع مشاعر الحب والسلام.
لكن الهدف الحقيقي من التأمّل هو إيقاظ الوعي وتحريره من العقل وإدراك الذات الحقيقية وليس محاولة تصنّع المشاعر الجميلة، لكن الكثيرون مع الأسف يستخدمون التأمل بطريقة خاطئة.
6. المطاردة المستمرة للمستقبل والاهتمام بالتنبآت،
وكل ما يتعلّق بالكشف، التاروت، التنجيم والبوابات الطاقية… من أجل مطاردة الآمال والأخبار السارة والأطماع الوهمية.
لا يوجد عيب في الكشف والأسترولوجي والتاروت، عندما تكون قراءات حقيقية صحّية. أنا شخصيا ساعدتني كثيرا القراءات الفلكية في رحلتي وقد ساعدت بدوري الكثيرين من خلالها.
لكن يجب أن تعرف أن الهدف الحقيقي من هذه القراءات ليس التنبأ بالأحداث، أو مطاردة المستقبل، أو انتظار تاريخ معين أن يحقّق لك معجزة تنتظرها. بل الهدف منها هو الكشف الطاقي حول الدروس التي تحملها لك من أجل التطور الروحي، وكيف تتناغم هذه الرسائل مع تعبيرك الروحي الفريد من نوعه، واكتشاف ذاتك وتشوهاتك الباطنية وفهم مسار روحك في هذه الحياة.
7. تنكر معاناتك وآلامك ومخاوفك الباطنية
وتتجنبها وتتهرّب منها وترفض النظر إليها والإعتراف بها. تدّعي أنك قد وصلت أخيرًا إل السلام والحب والنور، وأنك تعيش حياة مثالية ولم تعد تختبر أي أشياء سلبية.
8. تنكر جانبك المظلم وتلعب دور الشخص الراقي
مثلا تتظاهر بأنك شخص راقي لا تصدر الأحكام وتتقبل كل شيء وتحب الناس حبا غير مشروط…
الهدف من الصحوة الروحية ليس إرتقاء الشخصية لكي تصبح شخص راقي. هذا تمثيل وتظاهر.
الهدف الحقيقي من الصحوة الروحية هو التحرّر من وهم الإنفصال وإدراك انك أنت لست شخصيتك. الصحوة الروحية ليست عملية تغيير أو ارتقاء. بل هي عملية تذكر هويتك الحقيقية ما وراء الشخصية.
9. تميل إلى مشاهدة الفيديوهات التي تعطيك آمال زائفة ووصفات طقوسية لتحقيق السعادة وحصد الأوهام.
بينما التعاليم التي تعطيك الحلول الحقيقية، وتدعوك إلى التواصل مع ذاتك واكتشافها، تقوم باستفزازك وتتهرب منها.
الإيغو لن يأخذك إلى المواضيع التي تنهيه. مثل: التسليم والتقبل والتسامح والانعكاس….
لأن الإيغو يخاف من العمل الباطني لا يمكنه أن يقودك إلى حتفه.
مرحلة الهروب الروحي، بالرغم من سلبياتها إلاّ ان لها جانب إيجابي، هي بمثابة الطُعم الذي يصطاد الإيغو ليمهّد له الطريق نحو المسار الروحي الحقيقي. وهو مسار إدراك الذات الحقيقية. عادةً عندما يكون الإنسان عالق في وعي الإيغو لا يمكنه أن يهتم مباشرة بالتعاليم السامية، هو في حاجة إلى مرحلة تمهيدية يختلط فيها الوهم مع الحقيقة، إلى أن يصبح جاهزًا لاختيار طريق الحقيقة.
الأغلبية الساحقة هم حاليًا عالقون في هذه المرحلة وخاصة الإناث. لأن الطاقة الأنثوية المريضة وغير المتوازنة مع الطاقة الذكورية تتحوّل من طاقة حدس وإدراك، إلى طاقة أوهام وسذاجة وهروب نحو الخرافات والخزعبلات الروحية، وتجد صعوبة في التمييز بين الحدس والأوهام.
كلما علقت في هذه المرحلة كلما زادت معاناتك الباطنية وستكون الخيبة الروحية قاسية جدا عليك. لأن هذه المخاوف والآلام الباطنية التي تنكرها وتتهرب من مواجهتها، يومًا ما ستصعد إلى السطح دفعة واحدة حتى تجبرك على معالجتها. وهذا قد يكون صعب عليك ولا تتحمله.
وفي الأخير أدعوك للتحلّي بالإنتباه والصدق مع ذاتك، للخروج من هذه المرحلة في أقرب وقت ممكن، إن كنت ترغب في اختصار رحلتك الروحية. وأقترح عليك مشاهدة هذه المحاضرة أشرح فيها بالتفصيل الهدف الحقيقي من الرحلة الروحية وهو إدراك الذات الحقيقية.
Related Posts

أعراض ومراحل صعود طاقة الكونداليني
عن الكاتبة
Ahlem
أكاديمية نيوبرادايم هي ثمرة مسار طويل سلكته المعلمة أحلام في رحلتها الخاصة نحو الصحوة الروحية. واليوم، تكرّس حياتها لمساندة من يسلكون نفس الطريق، حيث تشاركهم فقط ما هو مُجرّب، فعّال ومباشر، بعيدًا عن كل ما هو مُشتّت أو مُضيّع للوقت. انضم إلى الأكاديمية واستفد مجانًا من محتوى حصري وثمين.✨