علامات الصحوة الروحية (18) وتشافيك من وهم الإنفصال

علامات الصحوة الروحية لا تقاس بمدى روعة المشاعر التي نشعرها ولا بحجم المعارف الفكرية التي نجمعها ولا بعدد الفيديوهات التي نشاهدها ولا بعدد الكتب التي نقرأها ولا بالأحلام التي نحلمها ولا بالأرقام الملائكية التي تظهر لنا.
بل تقاس بمستوى إدراكنا لذاتنا الحقيقية ومدى تحرّرنا من الهوية الزائفة أو الذات المنفصلة.
 
الصحوة الروحية ليست معارف فكرية ولا فلسفة ولا ديانة ولا أيديولوجيا ولا معتقد ولا أخلاق ولا ارتقاء ولا روحانيات ولا نمط معيشي ولا حتى تجربة، بل هي استيقاظ للحقيقة كما هي، وادراك مباشر لطبيعة الوجود من دون عدسات الثنائية والانفصال.
 
قبل أن نفصّل في علامات الصحوة الروحية، أود أن أذكّرك أولًا بأن الهدف الأساسي من الصحوة الروحية هو العلاج من التشوه الإدراكي الذي يصنعه الفكر بأننا منفصلين عن أرواحنا وعن خالقنا وعن مصدر وجودنا وكذلك عن بعضنا البعض. وهذا هو السبب الجذري لكل معاناة البشرية. الصحوة الروحية تساعدنا على تجاوز وهم الذات المنفصلة أو الهوية المزيفة، وبالتالي إدراك الذات الحقيقية ما وراء الفكر وما وراء الشخصية.

إذن علامات الصحوة الروحية هي نفسها علامات علاج وهم الانفصال في الفكر، وبداية إدراك الوحدة مع كل ما هو موجود. 

علامات الصحوة الروحية

18 علامة أساسية تدل على علاجك للإنفصال في ذهنك ودخولك مرحلة الصحوة الروحية:

 

1. إدراك الخالق والتعرّف عليه مباشرة بداخلك. تتواصل معه روحيًا وتدرك صفاته الحقيقية بقلبك، وتفكّك كل البرامج التي شوهّت صورته وجعلتك تسيئ الضن به. لأن الله ندركه مباشرة في وجداننا بالقلب، وليس بالفكر أو عن طريق الوسطاء الخارجيين.

الله أعظم بكثير وأجمل بكثير ممّا يستطيع أن يتصوره الفكر، تتغيّر صورتك النمطية للّه، من صورة مبنية على الانفصال والثنائية، إلى صورة مبنية على التوحيد والوحدة، وبالتالي تتحوّل علاقتك معه من علاقة خوف وطاعة وعبادة طقوسية حركية، إلى اتصال روحي عميق وحب إلهي لامشروط.

 

2. تدرك ذاتك الحقيقية ووجودك الأبدي وقيمتك الحقيقية الأبدية الموجودة في جوهرك الروحي، ما وراء الفكر والجسد. لم تعد تشعر بالحاجة إلى إثبات ذاتك ووجودك لأي أحد، ولا حتى لنفسك. لست في حاجة لإثبات أي شيء لأي كان، لست في حاجة لأن تبرّر شيء، لست في حاجة للدفاع عن رأيك أو إقناع أحد. لم تعد تتفاعل بشكل دفاعي عندما تتعرّض للانتقاد أو يهاجم شخص ما أفكارك ومعتقداتك. لأنك لست في حاجة للدفاع عن هويتك المزيفة وحمايتها.

 

3. تدرك اللاثنائية وتناغم القطبيات في الكون. تدرك بأن الخير والشرّ وجهان لعملة واحدة ويعملان معًا لنفس الغاية الكونية وهي التطور الروحي. لا يوجد خطأ أو صواب، ولولا اختبارنا للظلام، لما عرفنا طعم النور. تنظر إلى تجاربك الصعبة السابقة بكل حب وامتنان. ستشعر بالامتنان للّيلة المظلمة، لأن لولاها لما عرفت طبيعتك الحقيقية والتي هي السلام الإلهي. ستشعر بالحب والامتنان لكل إنسان أساء إليك في الماضي، لأنك ستدرك أنه في الحقيقة هو رفيق لروحك خلف الستار، وكانت روحه تعمل على مساعدتك لكي تتطور وتتحرّر. ربما من الصعب على العقل استيعاب هذا المبدأ، والذي يُعرف بقانون القطبية، لكن عندما تدركه مباشرة بحاسة الإدراك، ستشعر بسلام عميق وامتنان للخطة الإلهية، ويقين تام بأن كل شيء بخير في هذا الوجود.

4. تدرك الحرية الداخلية: عندما تدرك ذاتك الحقيقية، ستدرك أنك لست في حاجة للمقاومة والتحكّم والسيطرة والحرص غير المجدي. تتحرّر من الأطماع والتعلّقات، وتدرك بأنك لست في حاجة للتعلّق بشيء، أو الركض وراء شيء، أو مطاردة شيء. ولا تنتظر أي شيء من أي كان. ستشعر بالسعادة اللامشروطة وبالكمال والاكتفاء الذاتي العميق.

 

5. تدرك قوتك الحقيقية، ولم تعد في حاجة إلى إثبات قوتك لأحد. تتخلّى عن كل الصراعات والآليات الدفاعية، وتدرك أنك لست في حاجة للدفاع عن شيء، لست في حاجة إلى أن تحارب أو تناضل من أجل أي شيء.

 

6. لم تعد تحاول التحكّم في الأحداث المستقبلية بالتخطيط المستمر، لكنك تسمح بالتدفق الطبيعي للحياة لتجلب لك الأشياء الصحيحة في الوقت المناسب. لم تعد تعتمد على التفكير الكثيف لإيجاد الحلول. تشعر بأنك قد تخلّصت من عبء ثقيل كنت تحمله على ظهرك. حياتك لم تعد مسؤوليتك أنت. تتخلّى عن وضع الخطط والاستراتجيات وتسير مع تدفق الحياة. روحك هي من تقودك عن طريق القلب، أما الفكر والجسد فقط ينفّذان. صرت تثق في حدسك لأنك تعلّمت أنه المرشد الأكثر صدقا وثقة.

علامات-الصحوة-الروحية

7. إدراك الوحدة الكونية، تفهم بعمق قوانين الطبيعة وكيف يشتغل الكون، ربما لا تستطيع أن تترجمها إلى معارف فكرية وتحلّلها بعقلك، لكنك تدرك فطريًا أنها قوانين عادلة وجميلة ورائعة، وأن الكون يشتغل لمصلحتنا وليس ضدنا. هذا الإدراك بالوحدة الكونية يجعلك تشعر بسلام داخلي أبدي، تدرك بأن كل شيء بخير وسيظل بخير إلى الأبد، لأن سبب كل المعاناة هو التشوه في الإدراك وعدم رؤيتنا للحقيقة كما هي… تصبح تنظر إلى الواقع كما هو، من منظور وحدة الوجود وليس من منظور الانفصال أو الإزدواجية.

 

8. تدرك بعمق أنك أنت من تخلق واقعك مع الله، لأنك لست منفصل عنه، ولست منفصل عن واقعك “الخارجي”. هذا الإدراك بعدم الإزدواجية يجعلك تشعر بالتمكين، وتعي أنك لست ضحية ولا يمكن أن تكون ضحية. لا يمكن أبدًا أن يصيبك مكروه من دون إذنك. لم تعد تشعر بالخطر لأنك أدركت أنك تعيش في واقع هولوغرافي وأنه لا وجود لواقع خارجي خارج عن وعيك. لا يوجد فاعل ومفعول به منفصلان عن بعضهما البعض. هذا الإدراك بعدم الإزدواجية يجلب لك شعور دائم بالأمان والتمكين، وينتهي الخوف من حياتك إلى الأبد. ربما يبقى فكرك يختبر بعض الخوف من حين لآخر، لكنك تعرف أنها مجرّد أوهام تصنعها بقايا الإيغو، وتدرك دائما أن هناك سلام أبدي في الخلفية.

 

9. تتخلّى عن إطلاق الأحكام وتدرك الانعكاس في واقعك وتستجيب لرسائله بسرعة. تدرك أن الأحكام هي مجرد إسقاطك لمعاناتك الباطنية بسبب وهم الانفصال، ويصبح بإمكانك أن تراقب فكرك عندما يقوم بإسقاط مخاوفه الباطنية على الناس وعلى العالم الخارجي. ربما كنت تسمع عن الانعكاس من قبل لكن ليس كما تدركه مباشرة في واقعك. هذا يجعلك تشعر بالحرية والتمكين.

 

10. تسامح الناس بسرعة لأنك تعرف أنهم رسل الحقيقة جاؤوا ليعلّمونك شيئا. قد جاؤوا ليوقيظونك من الوهم ويذكّرونك بطبيعتك الحقيقية، وستعرف أنه لا يمكن لأي ضرر أن يكون فعلاً موجود من المنظور الأبدية.

 

11. تدرك أن المعاناة النفسية هي مجرد تخيلات وهمية يصنعها فكرك، وكنت تعاني فقط لأنك كنت تصدقها. يتحّرر وعيك من فكرك ويصبح بإمكانه أن يراقب البرامج والوظائف الفكرية التي تصنع وهم الانفصال وتكتشف كل الآليات الدفاعية وأسلحة الحماية التي يستخدمها الإيغو من أجل الحفاظ على بقائه، مثل الهروب والإنكار والإسقاط والهوية وغيرها…

 

12. تتقبل ذاتك وتسامحها وتحتضن جانبك المظلم وتتقبل عيوبك، لأنك تعرف بأنها ليست عيوبك أنت الحقيقي بل هي تشوهات شخصيتك، وأنت تعرف بأنك لست شخصيتك. تفهم نفسك وتفهم سبب تصرفاتك وردود أفعالية الآلية القديمة، تتعمّق من دون خوف في عالم اللاوعي وتقوم باحتضانه ودمجه مع الوعي.

 

13. ترى الناس من منظور الروح، تراهم على أنهم أرواح طيبة وبريئة حتى وإن كانت تصرفاتهم سيّئة، تعرف أن سبب ذلك هو خوفهم ومعاناتهم الباطنية، وتصرّفاتهم لا تعكس أبدًا أرواحهم الطيبة وهويتهم الحقيقية، تسامحهم وتتعاطف معهم وتشعر بالحب اللامشروط تجاه جميع البشر، ربما يبقى فكرك يصدر قليلًا الأحكام، لكنك تعرف بأن هذا منظور مشوّه ولا علاقة له بالحقيقة.

 

14. اتباع أصالتك وعيش حقيقتك يصبحان أولوية كبرى في حياتك. لن تتردّد أبدًا في اتباع شغفك حتى وإن كان فكرك يزرع الشكوك بداخلك. لم تعد تتماطل وتتغاضى عن الأشياء التي لا ترضي روحك وتخفض ترددك.

 

15. تصبح عفوي وشفاف وصريح، تتخلّى عن التكلّف والتصنع وتعبّر عن ذاتك وأرائك بصدق ولم تعد في حاجة لمجاملة اللآخرين أو البحث عن نيل إعجابهم.

 

16. إتقان الذات (Self mastery)، تصبح في حالة مراقبة ورصد مستمر للأنا المزيفة، تكتشف كل ثغراتها وألاعيبها وتعزم بجد على فكّ الإرتباط بها. أنت المتحكّم والمسيطر على عقلك وليس عقلك المسيطر عليك، ثم تصبح ملكًا على مملكتك الداخلية.
 
17. تستعيد إرادتك الحرة وتصبح متمكّن روحيًا. يعمل معك قانون الجذب بطريقة تلقائية من دون الحاجة لاستخدام أي تقنيات ومن دون حرص أو تعلّق بالنتيجة، تجذب تلقائيًا كل رغباتك الحقيقية الموجودة في أعماق قلبك التي لم تكن تعرف حتى أنها كانت موجودة في قلبك.
 

18. تتلقى نداء الخدمة وتتذكّر لماذا أنت هنا، تنتابك رغبة قوية وصادقة، ومحّرك باطني في خدمة الآخرين ومساعدتهم على التحرّر هم أيضا من الوهم وإدراك الحقيقة. لكنك لن تفعل ذلك من أجل البحث عن الإعتراف. ستلبّي نداء الخدمة بكل حب غير مشروط من دون الحاجة إلى أن تلعب دور المنقذ المخلّص المختار الذي أرسله الله ليخلّص العالم من المعاناة. أنت الآن تدرك من تكون ولم تعد في الحاجة لإثبات ذاتك عن طريق رسالتك في الحياة.

 

 

 

 

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي:
شارك مع أصدقاءك و ساهم في نشر النور
3 تعليقان

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *