دليلك الكامل لليلة المظلمة للروح

أصعب مرحلة خلال عملية الصحوة الروحية: 

الليلة المظلمة للروح أو الليلة المظلمة للنفس، هي أزمة وجودية أو أزمة روحية تسبق الصحوة الروحية و هي عبارة عن موت تدريجي للهوية المزيّفة.
هي ليست فعلا ليلة واحدة و لكنها مرحلة طويلة، تمتد من بضعة أشهر إلى حتى بضع سنوات. 
لكن مهما طالت عليك هذه المرحلة و مهما اشتدت صعوبتها، تيقّن من أنها مرحلة عابرة و ضرورية للصحوة الروحية، و هي تبشرك بتغييرات إيجابية و تقودك إلى إدراك السلام الداخلي و النعيم الحقيقي. إذا اشتدّ الظلام فاعلم بأن الفجر القريب.

عشرة (10) أعراض تدل على أنك تعيش الليلة المظلمة للروح:

1. ينتابك شعور بالكآبة و حزن عميق و باكتئاب روحي من دون أن يكون هناك سبب محدد. قد تحصل أحداث تقوم فقط بإثارة هذا الإكتئاب و لكن تشعر بأنه اكتئاب وجودي و أعمق بكثير من أنه يتعلق فقط بالأسباب السطحية الأرضية.

2. تشعر بفراغ داخلي و تفقد الرغبة في الحياة و في كل شيء، و كل ما كنت ترغب به في السابق لم يعد يثير شغفك. و الأشياء التي كانت تسبب لك الفرحة سابقا لم تعد تسعدك. كل ما أعطيته معنى في السابق فقد معناه فجأة.

3. تشعر بموت نفسي و معنوي و شعور بفقدان الهوية، و تبدأ بطرح الأسئلة الوجودية، من أنا؟ ماذا أفعل هنا؟ من أين و الى أين و ما القصة؟ ما الهدف من هذه الحياة؟ لا تعرف من أنت، و لا تعرف ما هي رسالتك في الحياة، و تشعر بأن الحياة البشرية من دون معنى.

4. تتساءل لماذا خلق الله الشر؟ و لماذا يسمح بحصول الشر و بالمعاناة على وجه الأرض؟ ينقص ايمانك بوجود الله و لم تعد تثق في أن يكون هناك مشروع إلهي أو روحي، تشعر بأن الحياة مجرد صدفة تعيسة عشوائية خالية من معنى.

5. تستيقظ من مصفوفة القطيع (الميتريكس) و تدرك مدى سخافة النمط المعيشي البشري.

6. تشعر بأن حياتك كلها كانت مزيفة، و كل ما قيل لك من قبل كان كذبا. تتعطش للأصالة و لعيش حقيقتك بعيدا عن نظام القطيع.
7. تدرك مدى تعاسة البشر حتى و لو كان بعضهم يتظاهر بأنه سعيد، لكنك تستطيع أن ترى معاناتهم الباطنية التي يخفونها حتى على أنفسهم.
8. يتملكك شعور بالوحدة و الحيرة و الضياع و الاحباط و اليئس. و تضن بأنه محكوم عليك بالمعاناة الى الأبد. و أنك قد انتهيت و لكن في الحقيقة الهوية المزيّفة هي التي انتهت.
9.  شعور بالضعف و العجز و نقص الإرادة و بالكسل و الخمول و عدم القدرة على القيام بأي فعل. و هذا بسبب الإرهاق النفسي و الجسدي بسبب التحولات الباطنية العميقة. ارفق بنفسك و لا تتعبها، خذ ما يلزمك من الراحة و لا تشعر بالذنب بسبب عدم قدرتك على القيام بالأعمال و النشاطات اليومية.

10. تشعر بتحول باطني عميق، تنتابك رغبة عميقة في معرفة حقيقتك الداخلية، تتدبر في باطنك ثم تبدأ بإدراك البعد الروحي لذاتك الحقيقية. و هنا تبدأ الليلة المظلمة للروح بالزوال مع بداية الصحوة الروحية.

 

 

التخفيف من أعراض الليلة المظلمة للروح:

مع بداية عملية الصحوة الروحية، عادة ما يمرّ الإنسان بأزمة وجودية أو أزمة هوية، و هذه المرحلة يطلق عليها بالليلة المظلمة للروح أو الليلة المظلمة للنفس، حيث تفقد الرغبة بالحياة و بكل شيء و ينتابك شعور بالخوف و الوحدة و الحيرة و الضياع وسط عالم و وجود ليس لديه أي معنى، و تفقد كل المعالم و كل الآمال و لا تعرف أين الاتجاه. ينتابك شعور باليئس و الإحباط و تعاني من التفكير الزائد و الفلسفة الزائدة و تطرح الأسئلة الوجودية، ممّا يسبب لك ارهاق نفسي و فكري و جسدي.

فهم العملية التحولية الباطنية التي تحصل خلال الصحوة الروحية يعتبر أول خطوة من أجل التخفيف من أعراض الليلة المظلمة للروح و تسريع العملية:

مع بداية عملية الصحوة الروحية يبدأ وعيك بالنمو و التوسع بسرعة كبيرة، و يرافق ذلك تحطيم مؤلم لكل الأطر و المفاهيم السابقة التي كنت تعرّف بها نفسك من قبل، و تستمد منها المعاني و تتعبرها هوية لك مثل النجاح، السعادة، الحب، العلاقات، الوظيفة، المكانة الاجتماعية، الشهادة الجامعية، المشاريع، الدين، العادات، التقاليد، و كل النظام العقائدي و الأشياء و التجارب التي كانت سابقًا تسمح لك ببناء معنى في حياتك و كنت تلبسها كقناع حماية، تبدأ بالتحطم و الإنهيار.

عندما يبدأ وعيك في التطور و في التوسع، تضيق عنك هويتك القديمة و تؤلمك كثيرا، لأنها لم تعد مناسبة لك. مثل الطفل الصغير الذي ينمو جسده، عندما تضيق عليه ملابسه القديمة و أحذيته القديمة تصبح تسبب له ألما في جسده. لأن مقاسها لم يعد يتناسب مع حجم جسده. نفس الشيء، حجم وعيك لم يعد يتناسب مع حياتك و هويتك و معتقداتك القديمة، لذلك صارت تسبب لك ألما نفسيا.

الهدف من عملية الصحوة الروحية هو الوصول الى السعادة الحقيقية اللامشروطة و حب الذات اللامشروط. و بالطبع الحب الالهي اللامشروط. في السابق كنت تربط سعادتك و قيمتك و حبك لذاتك بالأشياء و التجارب الخارجية. كانت سعادتك مشروطة و لم تكن سعادة حقيقية. عندما تبدأ بالإستيقاظ لحقيقتك الروحية و إدراك ذاتك الحقيقية. تقوم عملية الصحوة الروحية بتجريدك من كل الشروط و المعاني الزائفة التي كنت تعتمد عليها في إعطاء لنفسك قيمة و لوجودك معنى. عملية الصحوة الروحية تجبرك على مواجهة كل مخاوفك و معاناتك الباطنية التي كنت تتهرب منها طوال حياتك.


أول شيء يجب أن تعرفه هو أن هذا الخوف الوجودي أو الخوف الغريزي الذي تشعر به خلال الليلة المظلمة للروح كان دائما موجود بباطنك، ليس خوف جديد، هذه المعاناة كانت باطنية و الآن صعدت الى السطح من أجل علاج نهائي. البشرية كلها تعاني من هذا الخوف باطنيا و سبب هذا الخوف هو وهم الإنفصال عن الخالق. هذا الخوف كان موجود دائما بباطنك لكنك كنت دائما تتهرب منه و كنت تختبأ منه في منطقة الراحة. كنت تحاول أن تحمي نفسك منه بارتدائك لهوية مزيفة و قناع حماية مزيف. و كنت تلجأ الى الأشياء الخارجية من أجل البحث عن الخلاص، لذلك كنت تتعلق بالتجارب و الأشياء المادية و القصص و العلاقات و المشاريع و العادات و التقاليد و المعتقدات…. و هذه الأشياء لم تكن تمثل يوما رغباتك الحقيقية، كانت فقط متنفس أو تعويض عن معاناتك الباطنية لذلك تتحطم خلال عملية الصحوة الروحية.
لذلك تجردك الصحوة الروحية من كل الأشياء التي تعودت عليها و كنت تعرّف نفسك من خلالها حتى تجبرك على إدراك ذاتك الحقيقية في حالة من الفراغ و بالتالي يمكنك تجاوز هذا الوهم الإدراكي الذي يصنعه فكرك بأنك منفصل عن الله.

عشرة (10) نصائح لتجاوز الليلة المظلمة للروح بسلاسة:

1.  الإستعداد لترك منطقة الراحة و المألوف:

و كل ما كنت تعتبره يقينا أو كنت تعتبره هوية لك من قبل.

نعم ، من المريح الإعتقاد بأنك تعرف كل شيء ، و من المريح أن تتمسك بقصصك ومعتقداتك المألوفة ، ولكن هذا هو بالضبط ما يحجب عنك رؤية طبيعتك الحقيقية. لأنه يجلب لك شعور بآمان مزيف.
اذن استعد للتخلي عن الماضي و عن كل المقومات التي كنت تبني من خلالها شخصيتك و كنت تعتبرها هوية لك من قبل. تحلى بالشجاعة و بالإيمان و لا تخف من التغيير. تخلى عن تعلقاتك القديمة و قصصك القديمة و مشاريعك القديمة و طموحاتك القديمة و معتقداتك القديمة و كل النظام العقائدي القديم و لا تتعلق به.

 

2. التحلي بالوعي الذاتي: 

كن واع بسجاذتك السابقة و بحياتك الآلية الناتجة عن التكيف الاجتماعي، اسأل نفسك بصدق: هل رغباتك و معتقداتك و قيمك السابقة هي قيمك الحقيقية و قناعاتك الحقيقية أم قمت باستورادها من غيرك؟ هل كانت تصرفاتك و قراراتك كلها تعبر عن ذاتك الأصيلة أم كانت فقط ارضاءا لغيرك؟  هل كنت تعيش حقيقتك أم كنت تنكرها و تتهرب منها؟  هل كنت حقا سعيد من قبل أم كنت دائما تحمل بداخلك معاناة باطنية؟
ثم قم بترك كل الأجزاء القديمة منك التي تكونت نتيجة التكيف الاجتماعي و لا تتوافق حقًا مع من تكون حقّا. يجب أن يكون هذا مصحوبًا بإدراك و وعي ذاتي و يمكن أن يتحقق ذلك من خلال التأمل والتدبر الصادق مع نفسك.

 

3.  مراقبة الأفكار:

راقب هذه الأفكار و اسأل نفسك ما الذي يسبّب هذه المعاناة النفسية؟ قم بالتحقيق عن مصدر هذه العواطف السالبة؟ ستجد أن مصدرها الفكر، الفكر هو الذي يجعلك تعاني.
من يقوم بالتفكير؟ هل أنت من تقوم بالتفكير أم أن الفكر يشتغل آليا؟ طبعا الفكر هو الذي يشغل آليا مثل الجهاز المبرمج.
إلعب دور المراقب، تفرّج على هذه الأفكار السلبية و الوساويس من منظور علوي مستقل. أنت لست الفكر، بل أنت الوعي أو السلام الذي يراقب هذه الأفكار السلبية.

خلال هذه التجربة ، سيكون التأمّل والاسترخاء و الهدوء الفكري ممارسة مفيدة لمواجهة الحياة بمستوى يتجاوز الضوضاء والفوضى في العقل الممزق. أكثر فأكثر ، ستبدأ في رؤية الواقع كما هو، بدلاً ممّا تعلمت أن تراه، أو كيف تتمنى أن تراه.  من مكان هادئ، يمكنك إدراك الحقيقة و يمكنك أن تكون صادقًا مع نفسك لإعادة بناء حياتك وفقًا لما أنت عليه حقّا أو تطمح أن تكون.

 

4. إحتضان المجهول و التحلي بالإيمان:

إحتضن المجهول، و لا تخف من السير دون معرفة الوجهة. تعود على القيام بخطوة واحدة في وقت واحد دون القلق بشأن الخطوة القادمة. إسمح لنفسك بالطفو مع التيار من دون صراع أو مقاومة. تحلى بالتسليم المطلق، سلّم أمرك لله و عش اللحظة و لا تقلق أبدا بشأن المستقبل. تحلى بالإيمان بأن كل شيء بخير و أن كل شيء سيكون بخير. بداخلك معرفة باطنية تعرف ذلك جيدا، بالرغم من أن ظروفك و المعطيات الخارجية قد تشير إليك بالعكس. لا تصغي إلى الفكر بل اصغي الى دائما صوت القلب. تحلّى بالإيمان و ثق في المشروع الإلهي من دون أطماع أو تعلقات بنتيجة محددة يمليها عليك الفكر و لا تقلق أبدا بشأن التفاصيل.

 

5. حب الذات و الرفق بها، و تجنب الشعور بالذنب:

لا تقسو على نفسك و لا تعاتبها،  من أبرز أسباب المعاناة الباطنية هو عدم تقبل الذات.
انتبه دائما عندما تضغط على نفسك و تلقي اللوم عليها و عندما تظهر في ذهنك أفكار مثل أنا لا أفعل بما فيه الكفاية، انا لا أحقق شروط السعادة. أنا غير كاف. هذا ذنبي، انا يجب أن أعمل أكثر، أنا يجب أن أتحمل المسؤولية، انا يجب ان أبذل مجهود أكبر… ابحث دائما عن الشعور بالذنب بداخلك، و قم بتطهيره فور ما يظهر لك، و استبدله بحب الذات و العطف عليها.
اعتني بنفسك و ارعاها و كأنك طفل صغير. كن أبا و أما لنفسك. اعتني بجسدك، تناول غذاء صحي، مارس الرياضة و استرخي واسترح بما فيه الكفاية.

 

6.  تجنب عقلية الضحية و إصدار الأحكام على التجربة:

تجنب لعب دور الضحية و المشتكي، تجنب التأسف و التذمر و الشفقة على نفسك. لا تحكي لنفسك قصص بأنك مسكين و مثير للشفقة و أن الحياة ظلمتك. كل هذا لا يخدمك.
عندما تصنع لنفسك صورية ذاتية بأنك مسكين و ضحية، هذا يبقيك عالق في دورة من التجارب و الأفكار و المشاعر التي تجعلك تشعر بأنك فعلا ضحية. و هذا ما يسمى بقانون الجذب.
لا تنظر الى هذه المرحلة من منظور سلبي. لا تقم باصدار الأحكام و اسقاط معاني سلبية حول ما تشعر به و حول نفسك. اختر دائما المنظور الإجابي و هو منظور الحقيقة. أنت لست مذنب و لست ضحية في نفس الوقت، هذه المرحلة عادية يمرّ بها الكثيرون من أمثالك في العالم و تأكد بأن كل شيء هو على ما يرام.

 

7.  لا تتعامل معها بجدية أكثر من اللازم:

  تعامل معها و كأنك تلعب لعبة ممتعة و لولا التحديات الصعبة لكانت هذه اللعبة مملّة. و هذا صحيح الحياة لعبة روحية الهدف منها التطور و الإرتقاء الروحي. إستمتع بالتطور الروحي و تحمّس للمغامرات القادمة بشغف كبير.

 

8. احتضن عواطفك:

و اسمح لنفسك بأن تكون رقيق المشاعر و خاصة بالنسبة للرجال. رقة المشاعر ليست ضعف اسمح لنفسك بالبكاء كالطفل الصغير، لا تكبت عواطفك و لا تتصارع معها بل اتركها تتحرر. من خلال هذا الإنفتاح على هذه الرقة ستقودك لاكتشاف موطن القوة في نفسك. لقد عودنا المجتمع على أن الرجال لا يبكون و القوي لا يجب أن يبكي، لكن مقاومة العواطف و الرقة و كبتها هي أساسا خوف و ضعف و ليست قوة. الخوف من عواطفك و عدم تقبلها هو ضعف و ليس قوة. اسمح لنفسك أن تكون رقيق المشاعر سواءا كنت رجلا أو امرأة. لكن من دون أن تقع في فخ عقلية الضحية و تصنع لنفسك صورة ذاتية بأنك مسكين و ضحية.

 

9. اقضي وقت مع الطبيعة:

تأمل و تدبر في المناظر الطبيعية. لأن التواصل مع الطبيعة يجلب الهدوء الروحي و النفسي و الفكري. حتى و ان كنت تقيم بعيد عن الأماكن الطبيعية يمكنك أن تتأمل في السماء و النجوم من النافذة. و يمكنك أن تتأمل حتى في زهرة في مزهرية صغيرة.

 

10.  قم بأي عمل فني تستمتع به و يجلب لك شغف:

العمل الفني يساعدك على الهدوء و الصفاء الذهني و على التواصل مع اللحظة الأبدية. أي عمل فني يجعلك تستمع باللحظة و يساعدك على رفع ذبذبتك. مثلا الرسم، أو أي أشغال حرفية أو تصميمات فتوغرافية أو الإعتناء بالأزهار أو أي شيء آخر يجلب لك شعور بالشغف و لو كان شغف بسيط. حتى في الأيام التي تشعر بأنك فاقد لكل الرغبة و غير قادر على القيام بأي شيء، حاول القيام بأشغال بسيطة جدا مثل إعادة ترتيب غرفتك. المهم أن تتواصل مع اللحظة و تقوم بإراحة ذهنك عن التفكير الزائد.

 

و في الأخير أودّ أن أذكرك بأن الليلة المظلمة للروح هي مرحلة مؤقتة و عابرة و تذكر أيضا بأنك لست وحدك. الملايين من أمثالك في العالم يمرّون الآن بنفس المرحلة بسبب عصر الصحوة الروحية و الإنتقال البعدي لكوكب الأرض. و الإرتقاء الكبير الذي يشهده حاليا وعينا الجمعي.

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي:
شارك مع أصدقاءك و ساهم في نشر النور
6 تعليقان

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *